العمل عن بعد

العمل عن بعد و نصائح لتحقيق التوازن و زيادة الانتاجية

أصبح العمل عن بعد هو الصيحة الأحدث في عالم الأعمال والوظائف، خصوصًا بعد أزمة كوفيد-19 التي دفعت جميع الشركات إلى التفكير في العمل عن بعد كحل منطقي ومناسب لتجنب الأزمات الصحية المتعلقة بجمع الكثير من الموظفين في مكان واحد.  

ورغم أن العمل عن بعد قد يبدو أمرًا ممتعًا للبعض، إلا أنه ليس بالشكل الذي يبدو عليه، وقد يكون له أضرار دائمة على صحة العاملين تهدد سلامتهم النفسية وتوازن الحياة مع العمل عن بعد، وذلك وفق استبيان أجرته صحيفةThe Paper“. 

ولا يمكن القول بأن حالة العمل عن بعد سيئة طوال الوقت ودون مميزات تذكر، ولكن في النهاية هي مثل جميع التقنيات والأشياء الجديدة تمتلك مزايا وعيوب فالوقت ذاته، فكيف يمكن الحكم على العمل عن بعد؟  

ينفر رؤساء الشركات من العمل عن بعد

الدراسة التي أجرتها الصحيفة أظهرت أن 47٪ من رؤساء الشركات والجهات التنفيذية فيها يبتعدون عن العمل عن بعد تمامًا، ويرون أنه يؤثر بشكل سلبي على صحة الموظفين النفسية ويضعهم في ضغط مستمر، ولهذا فضلوا أن يعود موظفيهم إلى العمل بشكل مستمر من المكاتب.  

إدارة جوجل هي واحدة من تلك الإدارات التي تؤمن بذلك، إذ غيرت الشركة نظام العمل الخاص بها بشكل كامل، بعد أن كانت تدعم منظومة العمل عن بعد لمن يفضل اختيارها، أصبحت الآن تجبر الموظفين على العودة إلى المكاتب والعمل منها لعدة أيام في الأسبوع.  

بالطبع غضب جزء كبير من موظفي الشركة، ولكن في النهاية المؤيدين وصلوا إلى ثلث القوة بأكملها، وذلك لأنهم يفضلون العمل من المكاتب والاستفادة من المزايا المتعددة التي تقدمها شركتهم، ورغم أن جزء كبير من هؤلاء الموظفين يرغبون في العمل عن بعد من أجل العيش في بلاد رخيصة أو العمل من الشواطئ، إلا أن البعض الآخر يعاني حقا من الآثار السلبية للعمل عن بعد.  

مجالس الإدارة في الشركات لا تفكر في صحة الموظفين بشكل رئيسي، ولكنها تفكر دائمًا في معدل الإنتاجية والاستفادة القصوى من الموظفين، لذلك تحاول جاهدةً الابتعاد عن كل ما يؤثر على إنتاجيتهم ويجعلها أقل. 

آرثر بروكس وهو صحفي مختص بالحديث عن نظم العمل والإنتاجية يرى بأن مخاطر العمل من المنزل والوحدة هي أمر سيء للغاية يهدد الصحة النفسية للموظفين، وأن الصعوبات التي قد يواجهها الموظف أثناء تنقله في العمل إلى محل عمله لا تقارن بها، ولكن البعض الآخر يرى بأن هذه المخاطر تؤذي الموظف وتقلل من وقت العمل بشكل كبير.  

مزايا العمل عن بعد 

من يستطيع من الموظفين والشركات التأقلم مع العمل عن بعد يحصلون على مزايا مختلفة ومتنوعة، تضمن لهم الحصول على جودة عمل مرتفعة ونتائج أفضل من هؤلاء المرتبطين بالشركات.  

ولا يعني العمل عن بعد العمل من المنزل فقط، بل يشمل العمل من أي مكان بعيد عن مقر الشركة، هذا يعني أن الموظف قد يعمل من الشاطئ أو النوادي أو الحدائق، وربما يجوب العالم وهو يعمل عن بعد دون طلب إجازات أو ترك عمله.  

نصائح لتحقيق التوازن عند العمل عن بعد  

الحفاظ على توازن الحياة العملية والحياة الشخصية في عالم العمل عن بعد هو أحد أهم المزايا التي يجب أن يبحث عنها الجميع، وهو مفتاح النجاح في هذا المسعى تحديدًا، لذلك يجب على الجميع أن يسعوا إلى تحقيق التوازن عند العمل بعد للحفاظ على صحتهم النفسية.  

التوازن عند العمل عن بعد يتحقق عبر مجموعة من الخطوات المختلفة التي يمكنك إتباعها، وإليك مجموعة من النصائح التي تساعدك على تحقيق التوازن عند العمل عن بعد. 

 

الحفاظ على أوقات ثابتة للعمل  

الالتزام والحفاظ على أوقات ثابتة للعمل في اليوم هي أحد أهم مفاتيح النجاح في عالم العمل عن بعد، إذ يجب أن تتعامل مع فرصة العمل عن بعد كأنك تعمل من مقر الشركة، وهذا يعني ألا تعمل زيادة عن الوقت المطلوب منك أو أقل منه قدر الإمكان.  

ويعني ذلك أيضًا أن تبدأ عملك في مواعيد محددة وثابتة وتنهيها في مواعيد ثابتة ومحددة أيضًا، ومن الأفضل دائمًا أن تؤدي عملك من مكان بعيد عن المنزل ويكون مكانًا مخصصًا للعمل فقط دون أي شيء آخر.  

طلب إجازات بصورة مستمرة 

العمل من المنزل لا يعني أنك في إجازة بل إنك فقط تعمل من مكان بعيد عن مقر الشركة، لهذا يجب عليك أن تحصل على أوقات راحة تامة متمثلة في إجازات تامة من العمل لا تقوم فيها بالدخول على منظومة الشركة أو تقديم أي شيء للشركة، كأنك أخذت أجازة من مقر الشركة تماما. 

تهيئة بيئة العمل المناسبة 

ينصح خبراء العمل عن بعد بتهيئة بيئة مناسبة وخاصة للعمل عن بعد فقط دون محاولة تقديم أي بيئة جديدة أو إضافية، وهذا يعني أن المكان الذي تعمل فيه عن بعد هو مخصص للعمل عن بعد فقط دون أي شيء آخر. 

وبالتالي لا يجب أن تعمل عن بعد من منزلك أو مكان تناول الطعام أو أي مقهى، بل يجب أن يكون مكان مخصصًا للعمل عن بعد فقط دون وجود أي جوانب أخرى مشتركة فيه، وهذا يضمن جودة العمل وسهولة الفصل بين الحياة الشخصية والعمل عن بعد.  

اعتمد على أدوات التواصل الحديثة  

يظن البعض أن العمل عن بعد يعني أن يكون الشخص متوافرًا طوال اليوم للعمل، ولكن هذا الأمر خاطئ للغاية ويؤذي الموظف الذي يحاول الحفاظ على توازن الحياة الشخصية والعمل، لذلك يجب أن تمتلك أدوات خاصة للتواصل مع العملاء أو أفراد شركتك، وأدوات أخرى للتواصل الشخصي.  

الاعتماد على تطبيقات وأدوات التواصل الحديثة مثل Slack وغيرها من الأدوات المخصصة للعمل هي الطريقة المثالية للحفاظ على توازن الحياة والعمل ووضع مواعيد ثابتة للرد على العملاء والموظفين، إذ تتيح لك هذه الوسائل طريقة لجدولة أوقات الرد على العملاء والحفاظ على مواعيد عمل ثابتة.  

الاستعداد النفسي للأنشطة الخارجية  

لا يهتم البعض بالاستعداد وتهيئة الأنشطة الخارجية التي تتم في الإجازات أو الأوقات خارج العمل، وهذا يؤثر بشكل كبير على توازن الحياة والعمل حتى وإن كان الشخص يحصل على عدد كافي من العطل.  

لذلك يجب أن تجهز لنفسك عطلًا خاصة تستعد له عبر مجموعة من الخطط المستقبلية مثل التجهيز للعطلة للشاطئ أو حتى لأنشطة تتم في مدينتك بعد إنتهاء وقت العمل الخاص بك، ويتضمن هذا تحضير الخطط مع الأصدقاء وأفراد العائلة.  

التغذية المناسبة عند العمل عن بعد

أحد مفاتيح النجاح في حياة العمل عن بعد هي الاحتفاظ بمواعيد مناسبة لتناول الطعام والاهتمام بها بشكل جيد ومناسب، وذلك مثل أن تكون في شركة وتكون هناك أوقات ثابتة لتناول الطعام والإفطار.  

ويجب أن تبتعد عن تناول الطعام كلما شعرت بالجوع، وذلك لأنه يؤذي صحتك ويؤدي إلى تعطيل جدول الأعمال الخاص بك وهو ما يؤثر في النهاية على توازن الحياة والعمل.  

لا تؤجل عمل اليوم للغد 

 لا يجب أن تتساهل في أداء المهام المختلفة للوظيفة الخاصة بك سواءً كانت تسليم مشاريع مستقبلية أو حضور اجتماعات، وحاول دائمًا أن تكون اجتماعاتك ضمن أوقات العمل الخاصة بك حتى تحافظ على جدول أعمالك بشكل جيد ومناسب.  

الحفاظ على مواعيد الاجتماعات وجدول الأعمال المنظم هو من مفاتيح النجاح في العمل عن بعد، لأنها تضمن لك الحفاظ على توازن الحياة والعمل خارج المكتب، وهو ما يوصلك في النهاية إلى النتيجة المثالية في حياتك العملية. 

هل العمل عن بعد جيد أم سيء؟  

بعد استكشافنا لمميزات وعيوب العمل عن بعد، يجب أن نتذكر أن النجاح في العمل البعيد يتطلب التحكم في توازن الحياة والعمل. فهو يتطلب التخطيط والتنظيم والتفاني في العمل، ولكنه أيضًا يتطلب الاسترخاء والراحة والحصول على وقت كافٍ للعائلة والأصدقاء والهوايات. 

لذا، يجب علينا أن نكون حذرين وعلى دراية بالتحديات التي يمكن أن تواجهنا عند العمل عن بعد، ونحن نعمل على الحفاظ على توازن الحياة والعمل. يجب تحديد أوقات العمل والراحة والاسترخاء، والتمسك بتلك الجداول الزمنية بقدر الإمكان. كما يجب تجنب العزلة والاحتفاظ بالاتصال مع الزملاء والأصدقاء والعائلة. 

في النهاية، يمكن للعمل عن بعد أن يكون خيارًا ممتازًا للعديد من الناس، ولكن يحتاج إلى تحكم جيد وتخطيط متقن لتحقيق النجاح. وعندما يتم التحكم في توازن الحياة والعمل، يمكن للعمل عن بعد أن يوفر العديد من الفوائد والمزايا للأفراد والشركات على حد سواء.