تعد السيرة الذاتيّة إحدى أهم الركائز التي تستند عليها عملية التوظيف الحديثة، وهي تمثل المرحلة الأولى من المقابلات الشخصيّة والتي تؤهلك للانتقال إلى المستوى التالي والتقدم حقًا للوظيفة، ويرى الخبراء ريفيو أن السيرة الذاتيّة السيئة تُبعدك كثيرًا عن وظيفة أحلامك، لذلك يجب أن تهتم بكتابة سيرة ذاتيّة قويّة ومناسبة حتى تقترب من تحقيق وظيفتك المثاليّة.

وبينما تعد كتابة السيرة الذاتيّة أحد أهم المهارات الأساسية التي يجب أن يمتلكها أي شخص يبحث عن عمل في عصرنا الحالي، إلا أن الكثيرين يهملون هذه المهارة ولا يبذلون جهدًا من أجل كتابة سيرة ذاتيّة قويّة قادرة على مساعدتهم، لذلك وقبل أن تبدأ في بذل المجهود للحصول على الوظيفة وتعلم المهارات اللازمة للوظائف المختلفة، فإنك يجب أن تبذل جهدًا كافيًا حتى تتقن مهارة كتابة السيرة الذاتية، واليوم نقدم لكم دليلًا يأخذكم خطوةً بخطوة في رحلة كتابة السيرة الذاتيّة كما تجب أن تكون.

ماهي السيرة الذاتية؟ وما الذي يجب أن تحتويه؟

تُعرف السيرة الذاتية أو اختصارًا CV بأنها الورقة التي تضم خلاصة رحلتك في الحياة العمليّة مهما كان حجمها أو طولها، ويجب أن تختصر هذه الرحلة مهما كانت طويلة من وجهة نظرك في صفحة واحدة أو صفحتين بحد أقصى وهو الأمر الغير محبذ، لذلك تضم السيرة الذاتيّة أهم اللحظات في حياتك العمليّة بدايةً من المناصب التي شغلتها والأماكن التي عملت بها، وصولًا إلى الدور الذي قمت به في هذه الأماكن والتحديات التي واجهتك وكان عليك التغلب عليها.

وقد تطورت عملية قراءة السير الذاتية والبحث عن الموظفين عبرها كثيرًا في الآونة الأخيرة، إذ بدأت الشركات بالاعتماد على الحواسيب وتطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل قراءة السير الذاتيّة واستبعاد النماذج الغير مناسبة قبل أن تصل هذه السيرة الذاتيّة إلى مسؤول التوظيف ليطلع عليها ويقرر إن كنت مناسبًا لهذه الوظيفة أم لا.

لذلك إن لم تهتم بالسير الذاتيّة الخاصة بك وتكتبها بشكل مناسب، فإنك قد تخسر فرصة التوظيف تمامًا، وبل قد لا تصل سيرتك الذاتيّة إلى مسؤول التوظيف لأن الحاسوب لم يتعرف عليها وقام باستبعادك تمامًا.

ما الذي يجعل سيرة ذاتيّة جيدة ؟

يقول مارتن ماكجفرن -الخبير والمدرب المهني:” يبحث مسؤول التوظيف عن ثلاثة نقاط في سيرتك الذاتية، ما الذي قمت به ؟ ولماذا قمت به؟ وماهي النتائج؟ وإذا تمكنت من الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة، فإنك تسير في الطريق الصحيح”.

لذلك قبل أن تهتم بتصميم سيرتك الذاتيّة والرسوم الموجودة فيها، فإنك يجب أن تصمم سيرةً ذاتيّة سهلة القراءة والفهم، ويضيف ماكفجرن قائلًا” حاول أن تضع نفسك مكان الشخص الذي سيوظفك، إذ أنه لا يعلم أي شيء عن وظيفتك وكيف تقوم بها، كيف يمكنك أن تجعل سيرتك الذاتية مفهومةً له؟ “

كما يجب أن تركز سيرتك الذاتيّة على مهاراتك الخاصة التي تمتلكها والأهم كيف يمكن أن تُفيد المكان الشاغر لديهم، إذ أن مدير التوظيف لا يهتم بك فقط، بل يجب أن يهتم بالمؤسسة بشكل عام وكيف يمكن أن تفيدها وتضيف إليها المزيد من الجودة.

كيفية كتابة سيرة ذاتيّة احترافية

تُفيدك الخطوات التاليّة في كتابة السيرة الذاتية بشكل احترافي للغاية، لذلك سواءً كانت تبحث عن طريقة كتابة السيرة الذاتية للطلاب أو كتابة السيرة الذاتيّة لرؤساء الأقسام الذين يعملون منذ أكثر من عشرين عامًا، فإن هذه الخطوات التاليّة ستنتج لك سيرةً ذاتية مميزة وقويّة:

اختر نموذج سيرة ذاتيّة المناسب لك :

تبدو هذه الخطوة منطقيّة ولا تحتاج إلى الكثير من النقاش، ولكن في الحقيقة يهملها الكثير من الباحثين عن العمل، وذلك لأنهم يظنون بأن جميع السير الذاتيّة مناسبة لجميع الوظائف والمهام.

ويجب عليك قبل أن تبدأ بكتابة سيرتك الذاتيّة أن تختار نموذج السيرة الذاتيّة المناسب لك والذي يعرض أعمالك ومهاراتك بالشكل الأنسب.

ولكن بشكل عام يجب أن تضم السيرة الذاتيّة الجوانب التاليّة من حياتك العملية وهي:

• خبراتك السابقة والتي تؤهلك لهذا المكان
• الخبرات الحياتيّة المختلفة البعيدة عن العمل
• أي شهادات أو خبرات تعليمية مررت بها سابقًا
• مهاراتك الإضافيّة وتحديدًا المهارات التي يصعب اكتسابها.

ويمكنك الاعتماد على الكثير من الطرق للوصول إلى نماذج السير الذاتيّة المناسبة لك والتي ترضي ذوقك، ولكن دائمًا احرص على أن تكون المعلومات واضحة بشكل مناسب وألا تمتلئ بالرسومات والغرافيك الذي يشتت قارئ السيرة الذاتيّة.

وتوجد الكثير من الأدوات التي توفر لك خدمة بناء السيرة الذاتيّة وكتابتها، ولكن إذا كنت ترغب في بناء سيرة ذاتيّة من الصفر بيدك، فإنك تستطيع الاعتماد على التطبيقات الاحترافيّة مثل كانفا الذي يضم آلاف وملايين نماذج السيرة الذاتيّة بالعربي وبالإنجليزي أيضًا.

وتستطيع الاعتماد على تطبيقات مايكروسوفت وورد أو حتى مستندات جوجل التي تضم نماذج سيرة ذاتية احترافية يمكنك تعديلها بكل سهولة والاستفادة منها كما ترغب.

لا تُكثر من المعلومات الجانبيّة

ذكرنا سابقًا أن السيرة الذاتية يجب ألا تزيد عن صفحتين كحد أقصى، لذلك لا تحاول أن تُضيف الكثير من المعلومات التي لن تهم مسؤول التوظيف، ويجب أن تضم سيرتك الذاتية عدة أقسام تتحدث عن مهاراتك في الحياة ووظائفك السابقة بشكل واضح، وبالطبع المعلومات الهامة والتي يمكن الاتصال بك عبرها.

ويعد هذا الجانب القسم الأهم من السيرة الذاتية، إذ يجب أن يستطيع مسؤول التوظيف الوصول إليك بشكل سهل وسريع إذا ما احتاج لذلك، ولهذا يجب أن تضع اسمك بالكامل بشكل واضح في مقدمة السيرة الذاتية- يفضل أن يكون الاسم الذي تستخدمه عبر مواقع الانترنت المختلفة- ثم تتبعه بيانات الاتصال بك سواءً كانت رقم هاتف -يعمل – أو بريد الكتروني خاص – ولا يجب أن يكون هذا البريد الالكتروني احترافيًا ولكن يجب أن يكون مخصصًا للأعمال- وأخيرًا حسابات التواصل الاجتماعي والمواقع الخاصة بحسب ما تحتاجه وظيفتك، لذلك إن كنت موظفًا تقنيًا يعمل في البرمجة، فإنك يجب أن تضيف حساب github الخاص بك أو إن كنت مصممًا فوتوغرافيًّا يجب أن تضيف حساب Behance الخاص بك، وهكذا، ولا حاجة إلى إضافة حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بك إن لم تكن ضرورية في وظيفتك.

أضف خبرات العمل السابقة

لن نبالغ إن قلنا بأن هذا القسم هو الأهم في سيرتك الذاتيّة بأكملها، وذلك لأنه يضم جميع الخبرات السابقة التي عملت بها والتي ستساعدك على أداء وظيفتك الجديدة، ويمكنك إضافة هذه المعلومات بأكثر من طريقة وترتيب مختلف، إذ يرى البعض بأن الأفضل أن تضيفها بالترتيب الزمني من الأحدث إلى الأقدم، بينما يفضل البعض أن تضع قسمين، أحدهما خاص بالخبرة المتعلقة بهذه الوظيفة والآخر متعلق بخبرتك في العمل بشكل عام.

وإذا كنت تتحدث عن وظائف سابقة، فإنك يجب أن تتحدث عنها بالفعل الماضي، واحرص دائمًا أن تبدأ جملتك بفعل قويّ يتحدث عن وظيفتك، وإذا كانت جميع خبراتك السابقة كثيرة ولا تكفي لأن تضعها في صفحة واحدة، فإنك تستطيع التخلي عن الوظائف الأقدم أو الوظائف التي لا تساعد مباشرةً في هذه الوظيفة.

وعندما تتحدث عن وظائفك السابقة، ابدأ بذكر الوظيفة ومن ثم الشركة وبعد ذلك اذكر الفترة التي عملت بها وأسفل هذا العنوان الصغير أدخل دورك والأمور التي كنت مسؤولًا عنها.

خصص السيرة الذاتيّة بما يتناسب مع الوظيفة والذكاء الاصطناعي

لكل وظيفة متطلبات خاصة، لذلك يجب عليك أن تخصص سيرتك الذاتيّة بما يتناسب مع هذه الوظيفة والطريقة التي تستخدمها الشركة في قراءة السير الذاتيّة، حيث تعتمد بعض الشركات على الذكاء الاصطناعي من أجل التعرف على النقاط الهامة في كل سيرة ذاتيّة على حدة.

لذلك قد تحتاج إلى العودة لقراءة طلب التوظيف لأكثر من مرة، وذلك لأن بعض الشركات تترك ما تحتاجه في طلبات التوظيف الخاصة بها، ويساعدك ذلك في تخصيص سيرتك الذاتيّة لتلبي احتياجات هذه الشركة والوظيفة تحديدًا دون الإجابة عن الأسئلة بشكل عام.

 وتأكد من أن تضع خبراتك ومهاراتك في نقاط واضحة حتى يتمكن المسؤول عن التوظيف أو الذكاء الاصطناعي من التعرف عليها و تحديد إن كنت مناسبًا للوظيفة أم لا.

قد تحتوي السير الذاتيّة على بعض الأخطاء – لنطلق عليها الرايات الحمراء – التي تجبر مسؤول التوظيف على الابتعاد عنك، وبينما يفضل أن تبتعد تمامًا عن هذه النقاط وتتجنب ذكرها، إلا أنك قد تُجبر على ذكرها.

الرايات الحمراء للسير الذاتيّة وكيف يمكن أن تتجنبها

وتعد فترات البطالة الطويّلة هي الأزمة الأكبر في السيرة الذاتية، إذ توحي للقارئ بأنك غير مؤهل للعمل أو لا تمتلك وقتًا كافيًا لتعمل بشكل جيد، لذلك إن كنت مضطرًا لذكر فترة البطالة، فإنك تحتاج لذكر سبب مقنع لها وتشمل هذه الأسباب :

• التوقف عن العمل لرعايّة أحد الوالدين أو الأطفال أو الأسرة – وهي من الأسباب المقبولة عالميًا ومحليًا ولكن يفضل ألا تطول –
• التوقف عن العمل لاكتساب المهارات الجديدة وإضافة خبرات حياتية جديدة – وهنا يجب أن تذكر ماهي تلك المهارات وكيف تحصلت عليها –
• البحث عن وظيفة ذات مستوى أعلى أو طابع حر أكثر، وذلك كأن تترك وظيفتك السابقة لتبحث عن وظيفة كإستشاري أو خبير خارجي
• الأزمات العالميّة والخارجة عن إرادة الموظفين وتلك مثل أزمة كوفيد 19 التي مررنا بها منذ عدة أعوام أو أزمات البطالة التي يحدثها التضخم العالمي.

وإذا كان هناك نصيّحة واحدة هامة أوجهها لك، فإن هذه النصيّحة هي أن تكون صادقًا لأبعد الحدود، إذ أن الصدق في كتابة سيرة ذاتيّة يضمن لك الحصول على فرصة مقابلة شخصية، والأهم أن الكذب في السيرة الذاتيّة لن يؤدي إلى توظيفك في المكان المناسب الذي يمكن أن يستغل مهاراتك بالشكل الجيد والمناسب.